سرتم مسارَ دليلكم يا وحشتي***الشوقُ أقلقني و صوتُ الحادي
نائما جدّ السرى***عرفاتُ تجلو كل قلب صادي
لا أدري لماذا يتهمني عدد من زملائي بأنني قارئ كلاسيكي .. فرغم دفاعي المستميت لنفي هذه التهمة عني .. أعتقد أنني مجبر على أن أسأل نفسي فهل أنا قارئ كلاسيكي بالفعل .. وهل هذه التهمة عيب؟؟.
الغريب أنني كلما أسال الآخرين عن الكتب التي قرأتها يقولون لي بأنهم لم يقرؤها لأنها كتب موغلة في القِدم ...
منذ عدة سنوات كنت اهتم كثيراً بالرسوم السوريالية وأقرأ كثيراً لسلفادور دالي، واهتممت بالفنون الأوروبية القديمة فكنت أقرأ رواية "الكوميديا الإلهية" للشاعر العظيم دانتي ألجيري ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري وملحمة الإلياذة لهوميروس.
وأثناء الدراسة كنت اهتم بكتابة القصة القصيرة التي نشرت لي منها الكثير في مجلة الدستور اللندنية .. قرأت الأدب الروسي وكتابات أبو القصة تشيكوف، والأديب تولستوي (صاحب رواية الحرب والسلام) والكاتب دوستويفسكي، وكذلك للشاعر الأمريكي أرنست همنجواي والشاعر الهندي الكبير طاغور وبعض من الأدب الفرنسي لفيكتور هيجو الرجل العظيم الذي كتب قصة البؤساء.
أحد زملائي المنتقدين يستدل على كلاسيكيتي بالكتب الموجودة على قائمة المفضلة في مدونتي ظلال الأبنوس، فتجد رواية الكوميديا الإلهية التي قرأتها مرتين ولم أشبع منها، وملحمة الإلياذة والأوديسة، ودائما ما أتصفح موقع فنون عصور النهضة لأتمتع بالعشاء الأخير ولوحة الموناليزا للفنان ليوناردو دافنشي، والعديد من الفنانين، وفي مدونتي أيضاً احتفظ بفيلم التايتانيك الذي أخرجه جيمس كامرون وقاد بطولته ليناردو ديكابريو والممثلة كيت وينسلت ونالا جائزة الأوسكار ربما لأنه يتحدث عن سفينة تقبع في أعماق المحيط منذ أكثر من 100 عام ..
كما أنني لا زلت أقرأ عن الشاعر الطموح المتنبي وابن زيدون، وتاجر البندقية وكيلوباترا .. أعتقد أنني لا استطيع أن أنفي كلاسيكيتي..
داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي
يا حبيب الروح هب لي بضع لحظات سراع
قف تأمل مغرب العمر وإخفاء الشعاع
وأبكي جبار الليالي هده طول الصراع
ما يهم الناس من نجم على وشك الزماع
غاب من بعد طلوعه وخبا بعد إلتماع
أه لو تقضي الليالي لشتيت باجتماع
كم تمنيت وكم من أمل مر الخداع
وقفة أقرأ فيها لك أشعار الوداع
ساعة أغفل فيها لك أجيال امتناع
يا مناجاتي وسري وخيالي وابتداعي
تبعث السلوى وتنسي الموت متروك القناع
دمعة الحزن التي تسكبها فوق ذراعي
داوي ناري والتياعي وتمهل في وداعي
يا حبيب الروح هب لي بضع لحظات سراع
صحيفة ( نيوز أوف ذا وورلد) البريطانية تودع قرائها اليوم وتعلن توقفها على خلفية فضائح تتعلق بتنصتها على الهواتف بعد 168 عاماً من التحقيقات الصحافية والفضائح، طبعت الصحيفة، التي تعد الأكثر مبيعا بين الصحف الأسبوعية في بريطانيا، للمرة الأخيرة .. وعنونت طبعتها بالقول "شكرا ووداعا"، وقدمت في مقالها الافتتاحي اعتذارا للقراء جاء فيه "لقد ضللنا طريقنا".
إذا كنت مطرباً إثيوبيا أو إريتريا أو مطربة يجب عليك أن ترتدي بذلة أو جاكيت ذو جيوب كبيرة تستطيع أن تستوعب سيل التبرعات المالية من المعجبين أثناء الغناء والتي تصب عليك من كل جهة.
ويكون لديك أيضاً مدير أعمال ميداني يجمع الأوراق النقدية التي تتساقط من فتحة العنق أو الجيوب حتى لا تضل طريقها، فلا أدري هل الأمر منظم إلى هذا الحد أم لا..
عندنا في كردفان شاهدت الرجال المتحمسين في النقارة يتبرعون بعشرات الجنيهات للفتيات الراقصات فقط، أما الرجال فنصيبهم العرق والتعب .. ولكن توضع هذه الأوراق النقدية في "مساير الفتاة "، والمسيرة هي ضفيرتان من الشعر تزينان مقدمة الرأس، وتمكنان من غرس الورقة النقدية في أي منهما .. ومن العيب للفتاة أن تهتم بالقروش المتساقطة من رأسها، وإن كانت لا تستطيع أن تخفي سعادتها بكمية أو تهويشة (مسايرها).
ولكن الأمر بصراحة ينطوي على حماس زائد في الحالة الأثيوبية والإريترية، خصوصاً عندما يكون المغني امرأة .. إذ تحصد المزيد من الأموال بخلاف المطرب الرجل الذي يتلقى الفلوس في جيبه.
كتبت قبل خمسة سنوات في هذه المدونة أن جهاز الكشف عن الكذب الذي يستعان به في البرنامج
الأمريكي الشهير (The moment of Truth ) أو لحظة الحقيقة .. لن يستطيع أن يكشف الكذب إذا ما نقل إلينا هنا نحن العرب و المسلمون .. وذلك بسبب كثرة ما نكذب فيما بيننا .. إذ لا تشهد أجسادنا أي تغيرات بيولوجية إذا نوى أحدنا الكذب .. على الرغم من أن (ديننا الحنيف) يحضنا على تحري الصدق .. ولكن للأسف الشاطر في عالمنا هو الذي يجيد الكذب ويضحك على الآخرين.
جهاز الكشف عن الكذب وبرنامج لحظة الحقيقة الذي تحدثت عنهما قبل سنوات فوجئنا أن إحدى القنوات العربية بثت النسخة العربية منه .. وقد شاهدت الحلقة الأولى أو الثانية التي شاركت فيها الفتاة الجزائرية الجريئة جداً .. ولكن بصراحة أعتقد أن الجهاز لم يكتشف الكذب في إحدى إجاباتها.. حينما أجابت بـلا وقالت (لم يحدث أن قلت كلاماً سيئاً في أهل زوجي ووافق الجهاز على إجابتها .. (بالله عليكم شفت امرأة عربية تحب أهل زوجها .. وبدرجة لا تقطع فيهم حتى) .. دي فتاة ملائكية وقد تكون صادقة..
الهاتف الجوال (الله يقطعه) قضى على كل شيء، فلم نعد نر أحد يحمل الظرف المزركش وهو في طريقه إلى صناديق البريد، بل حتى لم نر الشباب يشدون الرحال لتهنئة أسرهم وأصدقائهم في الأعياد والمناسبات ويكتفي كثيرون بالرسائل القصيرة.
وغابت واختفت مع ذلك الحميمية القوية والمشاعر الجياشة التي كانت تربط بين الأصدقاء كتلك التي تهدم الجبال وتحيل الصحاري خضاراً يانعاً وتحرر فلسطين والجولان اللتين لا زالتا للأسف تحت الاحتلال.
وكثيرون تعلموا الكتابة التعبيرية وإجادة الإنشاء اللغوي والإملاء بهذه الرسائل بدليل أن أغلب شباب اليوم لا يجيدون أي من فنون الكتابة والتعبير.. لأن لا شيء يجبرهم على كتابة حتى جملة مفيدة واحد من دماغهم.
ولا زلت أتذكر رسائل زميلي الدكتور أدم حامد والمطبعجي سالم كوكو وقدرتهما الفائقة على تدبيج الرسائل الغرامية بخط جميل من النوع الذي يهدم كل شيء .. ولهم التحية .. فقد أبعدتنا ظروف العصر القاهرة .. "ولكن إن عزً في الدنيا اللقاء .. ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا".
لا ترحلي تريزا.. انظريني أهديك مرثية
50 عاماً تقاتلين البؤس والفاقة
تقاومين بعزيمتك السمراء شبح الضياع
سامقة كالباباي تحملين في خديك الأمل
لم يقتلك الرصاص ولم تهزمك الفجيعة
واليوم .. ترحلين تتركيني أضمد الجراح
وتخونين حبي الوديع والليال الملاح
حرام عليك تسرقين منى أحلام النجاح******تريزا ......... أنظريني أهديك دمعة
خدعوك بالنفط وقلبك يفيض بخيرات الدنا
واشتروا منك رهق السنين بحلم المنا
وخطفوك سراً من حضن الأماسي هنا
أخاف بعدك أن يسود الظلام ويغيب القمر
ويسود السكون ضوضاء الليل والسمر
وتجف حقول السدر والسيال ويأبي المطر
وتسود المراثي والمواويل ويعم الغدر ******
تريزا .. اسمعيني لا ترحلي
من بعدك يقاسمني هموم الليل والسهر
من يواسي جراحي من تصاريف الدهر
وحدك كنت تطربيني بألحان السمندل والسحر
وتسعدينني ببسمتك الخجولة في ليل الكدر
******
تريزا ......... فراقك مؤلم كرمح في جسدي
يعذبني .. يحرقني .. ويمزق أحشائي
يقتلني ألف مرة دون أن يزهق أرواحي
يطحنني رماداً .. ويذروني على الغابات
******
دعي سترتك الزرقاء وتوشحي بأحزاني
وخذي مني تماثيل بعانخي وصلوات السافنا
وخذيني وأحرقيني مسكاً في معبدك الهنيء
وادفني جسدي في دهاليز الغاب ..
ومعه كل رسالاتي .. كتاباتي .. مواويلي الحزينة
واكتبي على قبري.. (فارس ترجل وانهزم)
*********